حركةٌ تورِّثُ حركةً
وشساعةٌ تورِّثُ شساعة.
\\
الحماقةُ فخرُ صناعة
والنباهةُ دونها مناعة.
(1)
يأتي صوتُه مِنَ البعيد، مِنَ الحركةِ الظاهرة والحركةِ الباطنة،
مِنَ الحيّز المرجانيّ، مِن الأبراجِ العالية، مِن السفنِ الشراعيّة،
مِنْ جزيرةٍ يستريحُ فيها طائر الألباتروس ومِن مصحّات عقليّة.
(2)
كلامٌ في الصمت وصمتٌ في الكلام،
الجَمالُ هو أن يُفسِح قلبٌ أمام قلب،
القلبُ شساعةٌ فيها زهور، ورودٌ، طيور،
فيها نخيل، أكاسيا، سنديان، تين، زيتون
وروحٌ نبيلة تمسّها روح نبيلة.
(3)
أكثر العيون لا تسمع، أكثر الآذان لا ترى،
أكثر المسير لا يصل وأكثر النقل بلا عقل.
(4)
بعضُه يُقبل مشرقاً وبعضُه آفلاً معتماً،
بعضُه يختنق صوتُه، يمّحي أثرُه، وليس منه بعد غير حجر،
بعضُه على مسافة مئات ملايين الأميال من كوكب الأرض
يصطادُ بقصبةٍ مِنْ ضوءٍ تنهيدةً في نهرٍ يابس،
بعضُه عند قمّةِ جبل، ولكي يطلعَ الفجرُ مطمئنّاً، يقف شامخاً كتمثال،
وشجرةُ تفّاح سرقتْ تفّاحتَهُ الوحيدة.
(5)
المفاجأةُ هي أن تنظر إلى نسِر فإذ هو دجاجة،
أن تنظر إلى حملٍ فإذ هو ذئب، أن تنظر إلى أسدٍ فإذ هو جرذ،
أن تنظر إلى وجهٍ شفّاف فإذ هو وجه غليظ،
والمفاجأةُ هي أنّه لا يزال يتفاجأ.
(6)
مقارنةٌ بينه وبين القمر: كلاهما حالم، منير ولطيف.
مقارنةٌ بينه وبين النجمة: هي بعيدةٌ وهو بعيد. مقارنةٌ بينه
وبين البرقِ والرعد: مثلهما هو يشرقط ويهدر.
مقارنةٌ بينه وبين التمساح: معاً يشقِّفان الضحيّة.
مقارنةٌ بينه وبين العقرب: العقرب يلدغ مثله.
أذهله الشبه في التقاسيم الداخليّة.
(7)
في كلّ اتّجاهٍ عابرُ سبيل،
قاطعُ طريق، مصلحٌ إجتماعيّ،
قلِقٌ ومِنَ الكلِّ فيه: أناكوندا، وحيد القرن،
دينغو، أسد، فهد، ابنُ آوى، كوالا، ولووبي، كنغارو،
فلامنكو، كاكوبارا، غالا،
شجرةُ صفصاف، شجرةُ كينا، ورود وزهور،
نعناع، صعتر، مركدوش،
سمكة سرغوس، سمكة بلميدا،
أسدُ البحر، فيلُ البحرِ، حصانُ البحر، قنفذُ البحر،
نملُ اللّهب ونملٌ أبيض.
(8)
لا عِلم ولا مَنْ يتعلّمون، لا نهضة ولا مَنْ ينهضون،
مدارس كلاسيكيّة، مدارس رومنطيقيّة، مدارس تشكيليّة،
مدارس تجريديّة، مدارس تكعيبيّة، مدارس رمزيّة، مدارس سورياليّة،
مدارس حداثويّة، مدارس ما بعد حداثويّة،
وجميعُها لم تستطع أن تفتح نافذةً في مدرسةٍ خبْط عشوائيّة واحدة.
هل يروقُ لكم ألاّ يكفّ الدجاجُ عن نقدِنا؟،
هل يروق لكم أن ينكسرَ الموجُ على الصخر وكلُّ قصد البحر
أن يصيبنا بالرذاذ، كما يقول بالهدير، علّه يزيلُ بعضَ الأدرانِ عنّا؟،
هل يروقُ لكم أن تكركرَ العصافيرُ بالزقزقة
والأنهرُ والسواقي بالخرير والأشجارُ بالحفيف والأبقارُ بالخوار
والأغنامُ بالثغاء والحميرُ بالنهيق والخيولُ بالصهيلِ
والذئابُ بالعواء والكلابُ بالنباحِ والأفاعي بالفحيح ضحكاً منّا وعلينا؟،
هل يروق لكم ألاّ تكفّ الضفادعُ عنِ النقيق لكي تحرمنا النومَ الهانئَ العميق؟،
هل يرضيكم أن نغدو لقمةً سائغة يعلكُها الأسدُ أو الفهد أو النمِر أو الضبعُ
أو كلّ ابن آوى أو كلّ ابن عُرس أو كلّ ابن عَرص؟،
هل يرضيكم أن تجترَّنا الأبقارُ والجِمالُ والأغنام
وأن تتهامسَ الفراشاتُ مع الزهورِ أنّنا أجلافٌ وعلوج؟.
وأنا في سبيلي إليكم لكي أكون في مجلسِكم، وعند بعض الماء،
حظي بي فيلٌ وقال لي بالنهيم: "أيّها الأخرق، أيّها الأحمق، أيّها الأصفق،
كيف يموت واحدٌ منكم ولا يمشي في جنازته واحدٌ منكم؟،
ألا يوجد في جنسِكم دمّ؟، ألا تصنعون صنيعاً طيّباً؟،
ألا تسلكون مسلكاً طيِّباً؟، أليست فيكم كلمة طيّبة؟،
ألا تقلعون عن الخزي والعارِ الذي أنتم فيه؟،
الكبيرُ والصغيرُ والمقمّط في السرير، مِنَ القطبِ الجنوبيّ إلى القطب الشماليّ،
يبلغه خبرُكُم المشين والنارُ تأكلهم منكم مثلما تأكل في الهشيرِ أو في الهشيم،
قلْ أيّها الشرّير لقومِك الأشرار مثلك إنّي
كما نفى أفلاطون قوماً مِنْ جمهوريّتِه الفاضلة يوماً سأنفيكم مِنْ مملكتي".
وكان في الجوار غرابٌ ذاته الذي أضرمَ النيران
في بيتٍ خشبيّ فقيرٍ كان يؤويه، قال لي بالنعيب: "يا أيّها النكِرة
قلْ لأهلكَ النكرات مثلك إنّ كلامَ الفيلِ هو فيلُ الكلام".
ماذا أصنعُ مع مَنْ كان
يُدافعني ويزاحمني على التبنِ والأتن"؟.
لماذا كلّ ذي أنفٍ أو منقارٍ أو خرطوم
يريد أن يدسّ أنفَه أو منقارَه أو خرطومَه بشؤوننا؟.
إسمعوني يا قومي:
بالأمس أيضاً، وبعد كدْحي كدْحَ حمير مجتمعة، ومع غيابِ الشمس،
آويتُ إلى مرقدي لكي أنام، وإذ خفّاشان حقيران ضئيلان
مِنْ جنسِ الخفافيش مصّاصةِ الدماء يهبطان إليّ مِنْ طاقةٍ قريبةٍ مِنَ السقف،
ومِنْ فورِهما يجرحان عقباً لي بمباضع لهما ويخدّراني موضعيّاً
ويتناوبان على اللّعق مِنْ دمّي وشتمِ أبي وأمّي،
وأحدهما يقول للآخر: "يا لهؤلاء التافهين،
لأكرعنّ مِنْ دمِهم ما حييت".
وبعدما امتلأ بطناهُما طارا عبْرَ الطاقة ذاتِها إلى شأنيهما،
وأنا طوال الوقت لم أحرّك ساكناً
لكي أتعلّم عليهما لغتَهما الوطواطيّة
فأفهم عنّا جميعاً ماذا يُقولان وكيف يفكّران،
وأقسمُ لكم إنّي إذا رجعا بعدُ سأدوسهما،
سأمعسهما، سأفعسهما، سأهرسهما.
وقال: كان نسرُ الجيف بالأمس أيضاً عندَ كتف جبل شاهق
حين أنبأه الهواءُ الدافئ عن الميت في المسافة، أفردَ جناحيه وطار إليه،
وهو في علياء السماء رأى مَن يجمع حطباً ويلقيه عليه وحواليه
ويُضرم النيران التي لا تغادره إلاّ وقد سوّتْه رماداً، هل تأكل النسور الرماد؟،
ظلَّ في السماوات العُلى يلفّ ويدور قهراً
ويلعنّا بالصفير أنّه لم يفز منّا بفرمة لحم واحدة،
حتى لحقَ به أهله وشرعوا يلفّون ويدورون معه مطيّبين خاطره
لكي يرجع معهم إلى وكرِه ويرتاح قبلَ أن تخور قواه ويسقط ويفكّ رقبتَه.
كيف أغار لِمَنْ لا يغار لي؟،
كيف أفرح بِمَنْ لا يفرح بي أو لي؟،
وكيف أشتاق للّذي لا يشتاق لي؟.
(9)
من الشرق جاء، من الغرب، من الجنوب ومن الشمال،
من البرق والرعد، من الجهة والجهة المعاكسة، وكانت له أسواقُ نخاسة،
كان منه صعاليك يطلبون الحريّة غير منقوصة
ولهم كلمة أخيرة مع قطّاع الطرق الحقيقيين.
الإسم له وزنٌ وازن والصوت له وزنٌ وازِن،
المسألة ليست تشويقاً، هي في محلٍّ آخر، هي في كيف يفكّر؟،
بماذا يحلم؟، ما حجم مسافته بالألم؟،
يكرّ، يفرّ، والمتردّدُ عاقبته وخيمة، الصمتُ الزائد عاقبته وخيمة،
رؤيةُ نصف الكأس عاقبتها وخيمة،
الإزدحامُ ليس عفويّاً، الجوعُ والعطشُ ليسا عفويّين،
الإزدحامُ له جذور، الفقر له جذور،
والمفاجأةُ هي بقلّةِ الأمانةِ وكثرةِ الإرتداد،
يصل الليلَ بالنهار والنهارَ بالليل ولا يصل إلى نهار ولا يخرج من ليل،
رحلةٌ طويلة ومؤسفة.
(10)
قرّرَ أخيراً أن يثأر ممّن أخذوه لحماً وتركوه عظماً،
خرجَ إلى البريّة، تثاءب، تمطّى، واعتبرَ ذلك تسخيناً وتدريباً كافيين.
كشّر مثل كلب دوبرمان، ركضَ وطار مثل سوبّرمان
وصاح عندَ سحابة عابرة مثل طرزان حي بن يقظان،
رفسها فشرقطتْ وزمجرتْ،
وهبطَ إلى الأرض وهو يرفس بالطول والعرض كأنّه في مسّ.
وقعتْ لبطةٌ في أمِّه، وقعتْ لبطةٌ في أبيه،
وقعتْ لبطةٌ في جدّةٍ له فاستعجلتْ وقضتْ،
وقعتْ لبطةٌ في حمل لا ناقة له بعدُ في الدنيا ولا جمل،
وقعتْ لبطةٌ في حائط هو كلّ ما تبقّى لأرملة عجوزة
بعد غارة ربطة العنق، الشوكة والسكّين،
هدّته، فرفعتْ يديها إلى السماء وتمنّتْ لو تأخذ بخناق القوم الظالمين،
وقعتْ لبطةٌ في بطّيخة انفجرتْ وطارتْ شظايا
واصطبغتْ حجرانٌ بدمِها الأحمر الورديّ،
وكلبٌ في الجوار ينبح ويقول:
"ويْحَك يا أحمر الحمير إنّك تؤذي أهلك المقهورين مثلك".
وتسلّلَ التعبُ إلى بَدَنِه،
وطلبَ الراحةَ بظلِّ شجرة،
اشتدّتْ شمسُ الظهيرة، شرقطتْ،
أضاءتْ في رأسِه فكرة،
زفرَ وشهقَ مصدِراً صوتاً ولا أنكر
قولوا هو زمّور خطر،
منادياً أشباهه في الخَلقِ والخُلُق ليهبّوا إليه،
وهَبُّوا إليه مِنْ كلّ فجٍّ عميق،
وجلّهم تيوس، أكباش وثيران.
قال خطيباً: "سلاحُ اللّبيط هو سلاحُ العبيط،
مثله مثل سلاح العضّ الذي يتباهى به الكلب
العامل نبّاحاً بأَجرٍ قدره عظمة
ولا لحسة لحم أو بقعة حمراء عليها،
"قرّرتُ أن أفني الأعداء بضربةٍ قاضية"،
وحثّهم أن ينتشروا في طول البلاد وعرضها
بحثاً عن كلّ جهبذ بعلوم الغازات التي تمتلئ بها البطون
لعمل قنبلة لا تبقي ولا تذر
وألاّ يعودوا إليه وهم قرنٌ مِنْ أمام وقرنٌ مِنْ وراء.
صاحَ تيسٌ غاضباً: "بالأمس، يا ويلهم،
قطّع ساطورٌ منهم ساعوراً منّا، الموتُ لهم".
وخرجوا ورجعوا بحزمةٍ مِنَ الجهابذة
الذين بعضهم صناعة وطنيّة وبعضهم صناعة أجنبيّة.
قالَ الجهبذُ جحْششْتاين: "ولكن بشرطِ
أن نمحو العصافير والفراشات والزهور
وحفيفَ أوراق الشجر وحكايات المطر".
ولا تليق الإستفاضة
لئلاّ تفسد متعة مشاهدة الفيلم
الرائع في قصّته، في إخراجه، في موسيقاه التصويريّة
التي أين منها موسيقى فيلم "سايكو"
لمخرج أفلام الرعب الشهير ألفرد هيتشكوك
وخصوصاً في مشهد الإستحمام
الذي يُجهِض الحامل البكر ويُصيب بالشيبِ رأسَ الوليد،
هذا وحدِّثوا ولا تملّوا عنِ الإنتاج والمونتاج
والمؤثِّرات الصوتيّة وغير ذلك ممّا في صناعة السينما المتقدِّمة،
ولكن نرى أخيراً عميقاً في صحراء الرمل أبنية غريبة
تنشب فيها نيران هي على ألوان منها الأخضر ومنها الأزرق ومنها الأصفر،
ونرى الكاميرا تستعجل إلى مختبر
يرقد فيه كُثُر ومنهم جحْششْتاين إيّاه لا حسّ ولا خبر نافقِين جميعاً،
ثمّ نسمع كأنّما زفيرٌ وشهيقٌ يزفرُ ويشهقُ الأنفاسَ الأخيرة،
تتّجه الكاميرا إليه وإذ هو بطل الفيلم مُلقى على ظهره
تحت مكتب محطّم وكلّ شيء فيه هامد
سوى بطنه ينخفض ويرتفع
كأنّه لا يريد أن يهمد قبل أن يهضم بعدُ لقمة أخيرة فيه،
أو بسبب مِنْ قوّةٍ عجيبة غريبة
تصرّ أن تظلّ نابضة في هذا الكونِ العجيبِ الغريب.
(11)
يا أنت الواقف خلف الستارة ماذا تدبّر؟،
هل تدبّر بركاناً؟، هل تدبِّر زلزالاً؟، وباءً؟، اصطدامَ قطارين؟،
رصاصةً؟، ناباً؟، سماءً قاسية وأرضاً قاحلة؟، ماذا تدبّر؟ .
تُفسِح قِلّةٌ لكثرةٍ كي
تكون ضربة سيفٍ واحدة.
يكاد يُغشى عليه
من عواصف الألم.
رأى أعاصير،
آثارَ أممٍ غابرة، أمماً تئدُ أمماً،
أنهارَ دم، قنابل نابالم،
قنابل فوسفوريّة، صواريخ وفراشات.
رأى من يتدبّر ومن يتهوّر،
رأى الجريءَ والرائي والضعيفَ المقفَلَ المحاصَر.
رأى حكماء بعضهم على أتن
تتبعهم أمم لكنّهم قلّما وصلوا،
رأى حكماء بعضهم فاتح
تتبعهم أمم ولكن قلّما انتصروا،
رأى الأرضَ المظلمةَ ورأى في السماء قمراً.
(11)
يأتي صوتُه مِن خَفْقِ أجنحةِ اللقالق،
مِنْ عواصف رمليّة تهبُّ، مِنْ حفيف أوراقِ الشجر،
مِنْ زغاريد فرح ينكمش، مِنْ عِزّةِ النفس التي تنكمش،
مِنْ كراهيّة في الإتّجاهات كافّة، مِنْ كأس تتحطّم،
من أفراحِ جرس، مِنْ ثقبٍ في القلب يتّسع،
مِنْ لحيةٍ تصل إلى الأرض، مِنْ حركةِ المدِّ والجزْر،
مِنَ الشلاّلات، مِنَ الدموع، لا يأتي من الفراغ.
(12)
يفكِّر منطقيّاً
ويفكّر عشوائيّاً.
كلّ خطوة هي أثر يطفو،
لا يطفو، يرسخ، لا يرسخ.
ذاته ذو الأساسات، ذو الخناجر،
ذاته الغريب ويتساءل إذا يوجد في الأرض غرباء؟.
نظرَ إلى السماء وأمعنَ النظر،
رأى فيها أناساً آخرين، غاباتٍ،
مروجاً، أنهاراً، بحيراتٍ، بحاراً،
صحارى، جبالاً، سهولاً،
حقولاً، بيوتاً، حُبّاً، آمالاً، أحلاماً،
وعندما لم يكن ينظر بإمعان كان يهبط،
الحوادثُ تتكرَّر.
شجونٌ
يخطّها المطرُ
على زجاج النافذة.
(13)
ليس أن تصعد وإنّما كيف؟،
على سلّم من جماجم وعظام أم
على سلّم من موسيقى الحبّ؟.
يحفر ليهدَّ
أساسات الخرافة
وليجعلها خلفه.
إبتسامةٌ عابرة
في إبتسامةٍ عابرة.
خرافةٌ عابرة
في خرافةٍ عابرة.
لكلّ زمان عقلٌ أم لكلِّ عقلٍ زمان؟،
لكلِّ مقامٍ مقالٌ أم لكلِّ مقالٍ مقام؟،
حياةٌ لكلِّ مسافة أم مسافةٌ لكلِّ حياة؟،
حيّزٌ لكلِّ حركة أم حركةٌ لكلِّ حيِّز؟،
دمعةٌ في كلِّ عين أم عينٌ في كلِّ دمعة؟
وكلُّ جسمٍ في رحيل أم رحيلٌ في كلِّ جسم؟.
(14)
لا بدّ مِنْ كَسَل لكي تطيرَ فراشة،
كنّا هناك وهم رأوا محيطات غابات،
الظَهْرُ كان محنيّاً، لا يتكاثر إلاّ بالمقدار المسموح،
محاصرَاً بالخطر من كلّ جهة،
كنّا هناك وهم رأوا، انحسرتْ محيطاتُ الغابات،
تقدّمتْ أمواجُ الملح،
انقضتْ أحقابٌ بينَ الصخورِ والمغائر،
وبعد كلِّ حقبة كانوا يقولون: "كم كنّا في ضلالٍ مبين".
(15)
قرّرَ أن يفرَّ من وجه سيّده،
كأنّ الوقتَ المناسب متواطئٌ معه أَسرعَ إلى أذنِ الشمس
وهمسَ لها عن مظالم وموبقات تُرتكب جهاراً نهاراً
وتُداس بالأقدام كلّ الشعارات
عن الحريّة والديمقراطيّة والعدالة الإجتماعيّة.
الشمسُ صدّقتْ فقد سمعتْ ورأتْ.
استقرّتْ في كبدِ السماء، هبرجتْ، توهّجتْ ودلقتْ نيرانَها.
رأى سيّدَه يهرب إلى دارته محتمياً بها.
طار بخطٍّ مستقيم عارفاً أن أقصر الطرق هو الخطّ المستقيم
ولكن إلى أين؟، لا يدري.
يريد أن يبلغَ أرضاً مستحيل على كائن أن يُفكّر ويلحق به أو يتبعه.
واستمرّ ركضاً والريحُ تعبثُ بشَعرِه
حتى بلغَ بريّةً عندها بئر ماء.
هي محلّة بئرِ السباع التي قصدها بمعيّةِ سيّدِه مرّةً
ومنه علم أن الإسم مقتبس من حادث اعتداء سبعٍ مستهتر
على دابّةٍ للزير سالم الذي غضب حتى جزَرَ كلَّ من يقول أنّه سبع
ثمّ أمسك بالمستهتِر وأشبعَه لكْماً وركْلاً إلى أن سمعَهُ يرجُوه قائلاً:
"أغفرْ لي أيّها البطل، لن أستهترَ بعد اليوم أبداً".
لكنّ الحادث انقضى منذ قرون،
والزير سالم لا شكّ الآن عظامه مكاحل،
فمن يدري أن تكون بعض السباع قد نجت من تلك الواقعة
وفرّتْ ثمّ علمتْ بوفاةِ الزير ورجعتْ إلى الناحية غير هيّابة لتقتل وتنهب؟.
وهو غارق في أفكاره
فرّتْ قبّرةٌ من عشِّها المجاور،
إرتعدتْ فرائصُه أن يكون أسدٌ يريد له شرّاً.
طار إلى نجاتِه والعرقُ يتصبّب من أنحاء جسمِه
حتى هو عند مشارف مسافة على امتداد النظر
ليس فيها سوى شجرة ترفع قميصها الأخضر
كأنّما لكفيف يبحث في هذا العماء عن بَصَر.
وهو قريب منها رأى عندها مُسِنّاً
هو عين أحد بني جنسه مستغرِقاً بجهازِ لابتوب.
حيّاهُ بالزفير والشهيق الذي هو عين النهيق،
فمن يدري أن يكون جنيّاً شريراً متنكّراً بإهاب بني جنسه
فيضجّ من النهيق ويختفي.
لاضجّ ولا اختفى.
ومن دون أن يلتفتْ قال: "لا تخفْ،
لستُ يا بنيّ جنيّاً شريراً،
وخيراً فعلتَ أنّك فررتَ من وجه سيّدك
الذي طالما ضربك وشتمك بأمِّك وأبيك وعموم أهلك،
وأكثر ما استفظعتَه منه أنّه كان يحتكر الأطايب لذاته
كاللّوز الأخضر والجوز المقشَّر والفريز والموز أبي نقطة
وبالكاد كان يرمي لك الفتات
حتى مرّة التهمَ وحده سلّةَ توت
ولم يرمِ لك حبّة توت واحدة".
والتفتَ إليه وعرضَ عليه جرعةَ ماء
من دلوٍ يستقرّ بارداً في تجويفٍ عند أسفل جذعِ الشجرة.
شربَ وارتوى.
وبإختصار بكى وقال:
"شكراً،أنا منذ الآن مريدُك،
أرجوك انجدني ولن أنسى صنيعك".
وقف المسنّ وأشار غرباً وقال:
"انطلقْ غرباً وستصل بعد مسيرة غير يسيرة وربّما عسيرة
إلى بحر أجاج، ومنه بوجهك غرباً أيضاً وستصل إلى ميناء
تخفق فيه راية شعارها جمجمة وعظام
هي ذات علم بلاد يقولون إسمها نغم ونواعم،
ادخلْها والتحقْ بكليّتها العسكريّة
وادرسْ عليها ليلاً واعملْ لأربابها نهاراً بالمجّان،
وفي آخر السنة الدراسيّة سيكون إمتحان،
وبحسب النتيجة
من وسط إلى جيّد إلى جيّد جدّاً إلى ممتاز مع مرتبة الشرف
ستنقلب إلى ذئب أو ضبع أو فهد أو أسد".
وتعاكس 180 درجة وأشار شرقاً وقال:
"أو اتّجهْ شرقاً
وبعد مسيرة ثلاثة أيّام ستشرف على صحراء،
وفيها بوجهك شرقاً أيضاً حتى تصل إلى واحة مخرّبة
وستسمع منها صوتاً يقول لك:
"تأخّرتَ كثيراً يا أبا صابر"،
وسينبثق للحال جمَل،
إتبعْهُ وسيصل بك إلى بلاد
شعارُ رايتِها دجاجة وحمائم يُقال إسمها الكتكوتيّة،
التحق بكلّيتها العسكريّة،
وبعد الحفظ والحفظ والحفظ،
وفي آخر السنة الدراسيّة سيكون إمتحان
يُكرم فيه المرء أو يُهان،
وبحسب علاماتك ستنقلب إلى وعل أو غزال أو.."،
وقبل أن ينهي كلامه قاطعه المريد وقال:
"لا بل غرباً، أريد أن أكون آكلاً لا مأكولاً".
وعبَرَ البحرَ الأجاج المتلاطم الأمواج،
والتحق بكلّيّة الجمجمة والعظام،
ودرس على أساتذتها بصبرٍ واجتهاد،
وحاز في إمتحانات آخر السنة الدراسيّة إمتيازاً مع مرتبة الشرف.
وفي حفل التخريج ألصقوا على صدره ورقة مكتوب فيها:
"أنا الأسد الرئبال، أنا قاتلُ الرجال ومسبي النساء والأطفال".
حاولَ أن يقرأ المكتوبَ فقالوا: "لا تفعلْ.
المكتوب ليس بالحبر الأسود الصيني بل بالحبر الأبيض السرّي".
وهو في مرقده ليلاً متباهياً بحاله وبالعزِّ الذي بات يرفل به
خطر له سيده وحدّث نفسه بالإنتقام وتخليص الأنام من شروره.
وفجراً حمل على عجل كلاكيشه ملقياً بها على ظهره
وعبر البحر الأجاج واجتاز المسافةَ الخلاء
متمنّياً لو لديه وقت ليمرّ على شيخه
ويشكره على حسن معروفه وبديع صنيعه ومشورته،
ومرّ ببئر السباع حتى هو عند مشارف موطنه،
ويا لسعدِه وحسن طالعه،
ها هو وجهاً لوجه مع سيّدِه الذي ينظر إليه مندهشاً،
قال: "حقّك أن تندهش، فأنا انقلبتُ إلى أسد،
وستعرف بماذا سأجازيك على شرورك وبلاويك،
سأثب عليك، سأنيّبك، سأمزّقك، سآكلك،
ولكن ليس قبل أن أجعل الرعب يأكل قلبك
وتموتَ ألف مرّة قبل ميتتك الأخيرة".
ورفع صوتَه بالزئير وردّد الصدى صوت النهيق،
ورفع صوته بالزئير مجدَّداً ورجع الصدى بالنهيق مجدَّداً،
تفحّصَ أسنانَه، لا ناتئ أو نابَ واحداً.
وهو ذاهل بما هو فيه سمع سيّده يقول والشرر يتطاير من عينيه:
"أحلفُ أنّ أنت هو أنت،
أنا أيّها الأخرق أعملُ وحدي وأنتَ داير على حلّ شعرك"؟.
وانقضّ عليه كالنمِر وقبض على خناقه قائلاً :
"لأجعلنّك تلعن يوم مولدك".
وبعد فترة وجيزة من هذا اليوم المشؤوم
قرّر مجدّداً أن يفرّ بعيداً من وجه سيّده،
أيضاً كأنّ الوقتَ المناسبَ متواطئ معه
أسرعَ وهمسَ في أذنِ الشمس عمّا هي تسمعه وتراه.
هبرجتْ ودلقتْ نيرانَها.
فرّ سيّدُه محتمياً منها بدارته
وفرّ هو إلى حريّته.
وظلَّ يركض بلا إنقطاع،
ومرَّ بمحلّةِ بئرِ السباع مترحِّماً على الزير سالم
الذي لم تنطفئ له نار ولم ينذلّ له جار،
وبلغَ المسافةَ الخلاء حيث الشجرة
وشيخه عندها لا يزال مستغرِقاً بجهازِ اللابتوب.
وقفَ خلفَه من دون أن يحرّك ساكناً أو ينبس ببنتِ شفة
حتى سمعه يقول دون أن يلتفتْ:
"حمداً على سلامتك،
كُتِبتْ لك النجاة مرّةً ثانيةً قلّما تتكرر".
والتفتَ إليه ليراه على حالٍ
تصعب حتى على القلبِ الحجر.
أحنى رأسَه أسفاً.
قال له المريد: "إرفعْ رأسَك وانظرْ إليّ،
سمعتُ مشورتك وعملتُ بصبرِ حميرٍ مجتمعة
وانقلبتُ كما قالوا إلى أسد،
هل تراني حقّاً أسداً؟،
أحلفُ أنّكَ لا تراني حتى حماراً،
ها هي عصيّ المايسترو سيّدي تحفر أثلاماً في أنحاء جسمي،
ماذا أنا فعلتُ أو على من اعتديتُ أو افتريت
حتى سيّدي ضدّي وأنتَ شيخي ضدّي؟،
أم أنا زبدٌ وهو مؤيّدٌ حقّه أن يقهرني"؟.
وبكى من فؤادٍ مجروح وبكى شيخه معه
حتى جرتْ من دموعهما ساقيةٌ حفرتْ لها في الأرض أخدوداً.
وهما على هذه الحالة قال الشيخ:
"لا يا بني، أنا لستُ ضدّك".
وسأله أن يقرأ سطراً يظهر عند أعلى شاشةِ اللابتوب،
وهو من وثيقة سريّة تمّ تسريبها إليه
ليقرأها ويعرف ماذا يدبّر الخصوم له ولقومه،
لكنّه سرعان ما ذاته كفكفَ دموعَه وقرأ:
"يجب، ومن أيّ سبيل، أن نمنع وحدةَ البرابرة".
ونظرَ غرباً ثمّ شرقاً، ثمّ نظرَ غرباً ثمّ شرقاً،
ورفعَ يديه متطلعاً صوب السماء وصاح كأنّه فيه مسّ
فيما الغيوم تتلبّد والسماء كلّما تتجهّم
والبرقُ والرعد يزمجران من بعيد
وكلّما يقتربان منهما: "هذه مجزرة، هذه مجزرة".
(16)
واشتعلتِ الحربُ
واستبسلَ أيّما استبسال،
كانت مهمّتُه أن يشيلَ على ظهره أثقالَ العتادِ والمؤن
إلى خطوطِ النار الأماميّة خلل الغابات البِكرِ والأوديةِ السحيقة
والممرّاتِ الضيّقة عندَ أكتافِ الجبالِ الشاهقة
وأن يرجع محمّلاً بالقتلى والجرحى والمرضى أو المحمومين.
وتمّتْ ترقيتُه من شيّالٍ إلى عتّال، ومن عتّال إلى حمّال،
والحقّ يُقال أنّه مع كلّ رتبة جديدة كان يحظى بمكتسبات أو إمتيازات،
مثالاً كان يقتات على قليل مما ينجمُ في الأرض
وصارتْ له مائدةٌ عامرة بالمشتهيات
مثل القمح المشويّ والبطاطس المقليّ والذرة المسلوقة أو المغليّة،
وكان يشرب من مياهِ البركِ الراكدة حيث يكثرُ العلق
وصار شرابه مياهاً معدنيّة من نوع "حياة"، "نعص" و"صنين"،
وكان يستحمّ وهو تحت وابلِ المطر أو وهو يعبر في نهر
وصار له مساعدٌ برتبةِ معاون يحمّمه بالماء الدافئ
ويعطّره بأجودِ العطورِ الباريسيّة.
لكنّ المحال هو أن يستقرَّ حالٌ على حال
خصوصاً أنّ أهل البلاد الأصليين شجعان
قرّروا الصمود والتصدّي للعدوان،
وأكثر، اعتمدوا ضمن إمكانيّاتهم، حربِ العصابات،
وبالتالي صار ما كان عمليّة جراحيّة بسيطة، نسبةً للغزاة،
عمليّة جراحية دقيقة وخطيرة فيها حياة أو موت.
وطالَ أمدُ الحرب
وانقطعتْ سبُلُ الإمداد
بتدبير حكيم من المقاومين،
وشحّتْ مواردُ التموين،
وأوّل ما أصاب التقنينُ الحمّالَ إيّاه
حتى منعوه المياه المعدنيّة،
وعوضاً أعطوه قنينة فارغة وقالوا:
"إحفظْ فيها بولكَ الأصفر ليومِك الأغبر".
وساءتْ أخلاقُ رفاق السلاح أكثر،
رآهم بأمّ عينيه وأبيهما كيف يفتكون بالأسرى
ويرمون جثثهم الهامدة في الطرقِ المقفرة
لتكون نهباً للمناقير والذباب والجرذان والديدان،
رآهم بأمّ عينيه وأبيهما كيف يغيرون على قرى
ويضرمون النيران بمساكنها الأشبه بأعشاش العصافير،
ومن يفرّ يدرزونه بالرصاص ومن يظلّ في مكانه يموت إحتراقاً أو إختناقاً،
ورآهم بأم عينيه وأبيهما كيف يقتلعون عيونَ مناضلين
وكتّابٍ وشعراء وفنّانين ومعلّمين
من محاجرها
ويلقونها في النهر لتكون علفاً لأسماك البورونا الشرسة،
ثمّ لم يوفّروه هو،
كانوا إذا تقدّموا يقولون له: "أيّها الحمّال إلى الأمام سرّ"
صاروا ينهرونه قائلين له "حا"،
وكانوا إذا أرادوا أن يتوقّفوا لأي سبب يقولون له:
"أيّها الحمّال مكانك" أو "قفْ"
وصاروا يأمرونه قرفانين: "هِشّ".
وعلى الرغم فإن كلّ تدابير القسوة قد باءت إلى فشل.
وطلب قائد الجيش الخميس من قياداته في بلاده
مزيداً من الدعم في العديد والمعدّات التكتيكيّة والإستراتيجيّة،
مؤكّداً أنّه لا بدّ من إنتصار الديمقراطية على الديكتاتوريّة
أو لا بدّ من فوز المدنيّة على الوحشيّة والبربريّة،
والنتيجة أن إمّحتْ عن الخارطة مطارح وهلك خلقٌ كثير،
لكن المقاومة لم ينكسر ظهرها
وعلى العكس اشتدّ عودُها وتضاعف عديدُها،
كانت كلّما ارتقى لها شهيد حلّ مكانه إثنان أشدّ، أصلب، وأكثر تصميماً.
وصالَ وجالَ حاصودُ الموت
حتى وقعتْ عينُه الدمويّة على الحمّال إيّاه
ولكنّ لم يقدر عليه
فهو في المحصّلة الأخيرة لا يستطيع أن يحصد أكثر ممّا يستطيع.
أصابه مسّ
وأقسم أنّه لن يهنأ له حال ولن يهدأ له بال
حتى يرى الحمّال قتيلاً.
كمنَ له تحت حجر
عند ممرٍّ ضيّق في أعلى جبلٍ شاهق.
داس الحمّالُ على الحجر.
هزلَهُ له لكي يختلّ توازنه ويسقط من شاهق
إلى حيث الصخور وحتفِه المحتَّم.
احتملَ الحمّالُ، توازنَ ونجا.
رآه عند ضفّة نهر مع فرقةٍ عسكريّة.
أرشدَ المقاومين إليه وأغراهم أنّه كبير العدوان.
قصفوه بالكاتيوشا،
هلكَ كلُّ من معه إلاّ هو زحفَ على بطنِه
وخرج من دائرة الإستهداف ونجا أيضاً.
قرّرَ حاصودُ الموت يائساً أن يقتل الحمّالَ بالحرب النفسيّة الأخطر.
همسَ لذبابةٍ عابرةٍ أن تطنّ عند أذنه وإلاّ سينزع روحَها من قلبِ قلبِها
وفي آن همسَ للحمّال إن الطنين الذي يسمعه ليس هو غير هدير صاروخ
عابر للقارّات والمحيطات ومزوّد بمعلومات ألاّ ينفجر
إلاّ وهو داخلَ رأسِ الحمّال داخلاً إليه من إحدى أذنيه.
أُصيبَ الحمّال بصعقة،
فمرّة هو يضحك ومرّة هو يبكي ومرّة هو يصرخ ومرّة هو يعوي أو ينبح
ومرّة هو ينهق ومرّة هو ينعق ومرّة هو يركض ومرّة هو ينبطح، وأيضاً لم يهلك.
وأصدرت المقاومةُ بياناً
تستنكر فيه دعاوى الغزاة وقائدهم الكولونيل جرادشتاين،
فما هي هذه الديمقراطيّة التي يريد أن ينشرها
وتفيد بحقّ الذئب أن يفلتَ بين الحملان؟،
وفضحت أهداف العدوان
أنّها لا تتعدّى سرقة موارد البلادِ وثرواتها الطبيعيّة،
وأكّدتْ على إستمرار الكفاح بالسلاح
حتى زوال الإحتلال عاجلاً أم آجلاً
عن كلّ شبر من أراضيها.
وكان لها ما أرادت
وبدأتْ قلاعُ الإحتلال بالزوال تباعاً
ولم يبقَ له غير سطح مغارة كانت سفارة
حطّتْ عليه مروحيّةٌ عسكريّة وفرّتْ بسرعة وارتباك
وعلى متنها ناجين بأعجوبة
فيما حبلٌ يتدلّى منها قفزَ إليه الحمّال وتعنزقَ به
ليرجع إلى ديرتِه ناجياً بروحِه ولكن ليس بكلِّ عقلِه.
(17)
والمحورُ مائل
والأرضُ تدور.
2010 ـ 2011
Shawkimoselmani1957@gmail.com